رئيس مجلس الإدارة
د. مروة حسين

نائب رئيس مجلس الإدارة
م. ياسين الزيني

رئيس التحرير
ا. محمد صلاح

المدير التنفيذي
د. محمد زكريا

شيماء إبراهيم تكتب : القاهرة وصياغة معادلات الإقليم

وسط الأزمات المتلاحقة التي تعصف بالإقليم، تظل مصر ثابتة على موقعها كفاعل رئيسي لا يمكن تجاوزه في معادلات المنطقة. فمن ليبيا حيث الصراع على الشرعية والموارد، إلى السودان الذي يعيش واحدة من أعقد أزماته، مرورًا بغزة التي تمثل الجرح الدائم للأمة، ووصولًا إلى شرق المتوسط الذي يشهد تنافسًا محمومًا على الطاقة والأمن البحري، تبرز القاهرة كلاعب يوازن بين أوراق القوى المختلفة دون أن تفقد بوصلتها الوطنية.

الدبلوماسية المصرية تنطلق من إدراك أن أمنها القومي لا يتجزأ، وأن ما يحدث في جوارها المباشر ينعكس بالضرورة على الداخل. لذلك، تحافظ مصر على سياسة تقوم على ثلاثة مرتكزات: أولها تجنب الانزلاق إلى مواجهات مباشرة تُستنزف فيها قدراتها، ثانيها بناء شبكات تحالفات مرنة تحفظ لها حرية الحركة، وثالثها توظيف أدوات القوة الناعمة والدبلوماسية الوقائية إلى جانب القوة الصلبة عند الحاجة.

أخبار متعلقة

في ليبيا، وقفت مصر بحزم أمام أي محاولات لتهديد حدودها الغربية، لكنها في الوقت ذاته دعمت مسار الحل السياسي كخيار استراتيجي. وفي السودان، سعت القاهرة إلى تجنيب الدولة الشقيقة الانزلاق إلى فوضى كاملة عبر مبادرات للحوار ورعاية جهود الوساطة.

أما في غزة، فقد أثبتت التجربة أن لا تهدئة ولا تسوية ممكنة من دون الدور المصري، الذي يجمع بين القدرة على التواصل مع كافة الأطراف والشرعية التاريخية لدورها.

وفي شرق المتوسط، عززت مصر مكانتها من خلال ترسيم الحدود البحرية وتحالفات الغاز، لتتحول من مستهلك إلى مركز إقليمي للطاقة.

هذه الرؤية المتوازنة تعكس إدراكًا عميقًا لمعنى القوة في عالم متغير: فالقوة ليست فقط في امتلاك أدوات الردع العسكري، وإنما في القدرة على صياغة معادلات جديدة تحفظ الاستقرار وتفتح أبواب التنمية. وهنا يتجلى دور مصر، التي وإن تغيرت الظروف وتبدلت التوازنات، تبقى دائمًا صمام أمان الإقليم.

Facebook
X
WhatsApp
Telegram
Email