رئيس مجلس الإدارة
د. مروة حسين

نائب رئيس مجلس الإدارة
م. ياسين الزيني

رئيس التحرير
ا. محمد صلاح

المدير التنفيذي
د. محمد زكريا

د. آية الهنداوي تكتب: نتنياهو وإمبراطورية الدم تحت مظلة الإحتلال الأمريكي–الإسرائيلي

غزة تنزف من جديد تحت الإحتلال الإسرائيلي والآلة العسكرية لا تتوقف عن قصف الحجر والبشر على حدّ سواء.
العالم بأسره يشاهد، لكن من يقف وراء استمرار هذه الحرب هو الدعم الأمريكي المفتوح لنتنياهو الذي حوّل المأساة الفلسطينية إلى ورقة سياسية داخلية للبقاء في السلطة وإلى ساحة إختبار للأسلحة الأمريكية على أجساد المدنيين العزّل.

إنّ ما يجري اليوم في غزة ليس مجرد حرب عابرة، بل عملية إبادة جماعية تمارسها إسرائيل تحت حماية مظلة واشنطن.
والولايات المتحدة التي تدّعي الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان تموّل القصف وتزوّد إسرائيل بالقنابل الذكية وتمنح نتنياهو غطاءً دبلوماسيًا في مجلس الأمن ليمرّر جرائمه بلا حساب. أي نفاقٍ أكبر من هذا؟ كيف يمكن لدولة ترفع شعارات الحرية أن تدعم تجويع الأطفال الفلسطينيين وتدمير المستشفيات فوق المرضى؟

أخبار متعلقة

منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر 2023 تدفقت المساعدات العسكرية الأمريكية لإسرائيل بمعدل غير مسبوق حيث بلغت ما يقارب 17.9 مليار دولار بين تمويل مباشر ومبيعات أسلحة وذخائر من المخزونات الأمريكية بما فيها أنظمة دفاعية وصواريخ موجهة.
وبهذا الرقم تحولت غزة إلى أكبر ساحة مدعومة من البنتاجون خارج الولايات المتحدة نفسها، ليبقى الإحتلال قائمًا بقوة السلاح الأمريكي.

الأرقام القادمة من الميدان صادمة ، حيث تؤكد وزارة الصحة في غزة علي أن عدد القتلى تجاوز 65 ألف شهيد نصفهم تقريبًا من النساء والأطفال فيما تشير بيانات إستخباراتية إسرائيلية سُرّبت إلى أن 83٪ من الضحايا هم مدنيون، أي أن الحرب تستهدف الشعب قبل أي شيء آخر، وأكثر من 90٪ من سكان غزة نزحوا قسرًا من بيوتهم، فيما تحولت المستشفيات والمدارس وشبكات المياه والكهرباء إلى ركام.
هذه ليست حربًا على “الإرهاب” كما يزعمون، بل عملية تفريغ ممنهج للقطاع من سكانه.

الدعم الأمريكي لا يقتصر على المال والسلاح، بل يمتد إلى حماية سياسية ودبلوماسية. كما أن واشنطن استخدمت حق النقض مرارًا في مجلس الأمن لتعطيل القرارات الدولية التي تدعو لوقف إطلاق النار أو إدخال المساعدات الإنسانية.
والأمم المتحدة نفسها حذّرت قبل أيام من أن المجاعة تنتشر في شمال غزة بعد إغلاق معبر زيكيم الذي كان آخر شريانٍ لوصول الغذاء والدواء.
ومع ذلك، تواصل الإدارة الأمريكية توفير الغطاء لنتنياهو ليُكمل مشروعه الدموي.

حتى داخل الولايات المتحدة نفسها بدأت الأصوات تتعالى ضد هذا التواطؤ. السيناتور برني ساندرز وصف ما يحدث في غزة بـ “الإبادة الجماعية” للمرة الأولى منتقدًا الدعم الأمريكي لنتنياهو وداعيًا لوقف المساعدات العسكرية غير المشروطة، لكن صوته وصوت ملايين المتظاهرين حول العالم ما زال يُقابَل بتجاهل من البيت الأبيض الذي يصرّ على دعم الإحتلال حتى آخر طلقة.

نتنياهو الذي يواجه ملفات فساد وأزمات سياسية داخلية وجد في غزة مخرجًا يعيد له السيطرة على الحكم، لكن ما كان له أن يفعل ذلك لولا الدعم القذر القادم من واشنطن. هذا الدعم لا يحفظ حياة الإسرائيليين كما يزعم، بل يطيل أمد الحرب ويزيد عزلة إسرائيل دوليًا ويجعل من الولايات المتحدة شريكًا مباشرًا في كل جريمة تُرتكب ضد الفلسطينيين.

لقد تحولت غزة إلى رمزٍ للمقاومة والكرامة بينما تحوّلت إسرائيل إلى نموذج للإستعمار الحديث بدعم أمريكي أعمى.
التاريخ سيسجّل أن واشنطن لم تكن مجرد شاهدة صامتة على المأساة، بل شريكة أساسية في كل قطرة دم تسيل.
اليوم، بات واضحًا أن الإحتلال لا يستمر بقوة دباباته وحدها، بل بفضل الغطاء السياسي والمالي من البيت الأبيض.

المعركة إذن لم تعد بين غزة وإسرائيل فقط، بل بين الحقيقة والزيف، بين المقاومة التي تدافع عن الوجود والإمبراطورية الأمريكية التي تختبئ خلف شعارات الحرية بينما تبارك الإحتلال.
وسيأتي يوم تُحاسب فيه إسرائيل على جرائمها وسيُكتب اسم واشنطن إلى جوارها كمتواطئة وسيبقى الفلسطينيون وحدهم أصحاب الأرض مهما طال ليل القصف.

ومن هنا ، أؤكد أن نتنياهو لا يكتفي بتدمير غزة وحدها، بل يسعى لجرّ المنطقة كلها إلى فوضى شاملة تخدم مصالحه الشخصية.
هو يدرك أنّ بقاءه السياسي مرهون بإشعال الحروب، لذلك يحاول توسيع دائرة الصراع ليشمل لبنان وسوريا وإيران في مخطط واضح لتفجير الشرق الأوسط بأسره.
إنّه سياسي مهووس بالبقاء في السلطة حتى لو احترق العالم من حوله.
هذه القذارة السياسية والإنحراف السلطوي لا يستهدف الفلسطينيين وحدهم، بل يهدد استقرار كل المنطقة ويجعل إسرائيل أداة تخريبية بيد واشنطن لإبقاء الشرق الأوسط غارقًا في الدماء والإنقسامات.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
د. آية الهنداوي
مدرس الدراسات اليهودية
كلية الآداب – جامعة المنصورة.

Facebook
X
WhatsApp
Telegram
Email