ينظر المواطن البسيط إلى الأحزاب السياسية بوصفها الممثل الشرعي لصوته وآماله في البرلمان، ويتوقع منها أداء يعكس احتياجاته الحقيقية، لا مجرد شعارات موسمية تُرفع وقت الانتخابات وتُنسى بعدها.
فالحياة اليومية للمواطن، بما فيها من صعوبات اقتصادية واجتماعية، تضع على كاهل الأحزاب مسؤولية مزدوجة: تشريعية ورقابية، لكنها قبل كل شيء مسؤولية أخلاقية أمام ضمير المجتمع.
الأحزاب، من منظور المواطن، ليست كيانات نُخبوية مغلقة، بل أدوات تغيير يجب أن تعمل على سنّ تشريعات تُراعي العدالة الاجتماعية، وتُحقق توازناً حقيقياً بين متطلبات الدولة وحقوق الناس. ينتظر منها تشريعات تقلل من أعباء المعيشة، وتدعم مظلة الحماية الاجتماعية، وتوفر فرص عمل حقيقية، وتحسن جودة الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم والنقل.
لا يطلب المواطن معجزات، لكنه يتطلع إلى تمثيل حقيقي لقضاياه تحت قبة البرلمان. يريد من النائب الحزبي أن يُعبّر عن صوته، لا عن تعليمات قيادات الحزب أو المصالح الضيقة. ينتظر منه أن يتفاعل مع أبناء دائرته بشكل دائم، لا أن يختفي بعد الفوز. يأمل أن يرى النواب يدفعون نحو قوانين تُنصف الفئات الأكثر احتياجًا، وتُعزز الحريات، وتحارب الفساد، لا أن يكتفوا بلعب دور “التمرير” لمشروعات القوانين الحكومية.
كما أن المواطن العادي يُقيم الأحزاب من خلال قدرتها على تجديد دمائها وإتاحة الفرصة للشباب والمرأة للمشاركة في العمل السياسي، بعيدًا عن منطق التوريث السياسي أو احتكار المواقع القيادية. ويقارن بوضوح بين ما يُعلن في البرامج الانتخابية، وما يُنفذ فعليا ، واضعا أمامه سؤالًا بسيطا : “ماذا قدم هذا الحزب لي ولغيري ممن يواجهون نفس الظروف؟” هنا تبرز أهمية التمثيل البرلماني للأحزاب كأداة لقياس المصداقية.
فالمأمول هو وجود برلمان قوي يُمثل أطياف المجتمع المختلفة، ويُمارس دوره الرقابي والتشريعي باستقلالية وجرأة. أما الواقع، فهو ما يجب أن يخضع دومًا للمراجعة والمحاسبة.
إنّ الأحزاب التي تنجح في أن تكون قريبة من الناس، وأن تُعبر بصدق عن همومهم، وأن تُحول هذه الهموم إلى سياسات وتشريعات مؤثرة، هي وحدها التي تستحق ثقة المواطن. فالثقة تُمنح بالأفعال لا بالكلمات، وبالنتائج لا بالوعود. وفي النهاية، ينتظر المواطن البسيط من الأحزاب أن تُجسد مبدأ أن “السياسة خدمة لا سلطة”، وأن يبقى ممثلوها في البرلمان شهود حق لا شهود زور، مساهمين في بناء وطن عادل يُنصف الجميع، لا مجرد واجهة ديمقراطية تُجمل الواقع.