مع اقتراب الاستحقاقات البرلمانية، تتجدد النقاشات حول فرص المرأة في تحقيق تمثيل فعّال داخل البرلمان المصري، وتبدو الصورة أكثر تعقيدًا من أن تُختصر في لوم المرأة وحدها أو تبرئة السياق العام تمامًا، فثمة عوامل ذاتية وأخرى موضوعية تتقاطع لتشكّل واقع المشاركة النسائية في الحياة النيابية.
يواجه بعض النائبات تحديات مرتبطة بضعف الخبرة السياسية أو غياب التدريب الكافي الذي يمنح القدرة على المبادرة وصناعة المواقف تحت القبة. ويؤدي الخوف من النقد العلني والتنمر المجتمعي أحيانًا إلى تفضيل العمل الخدمي المحدود بدلًا من الانخراط في نقاشات ترتبط بصياغة السياسات العامة والتشريعات، ورغم أن هذه العقبات لا تخص المرأة وحدها، فإنها تبدو أشد وطأة نتيجة قلة التجربة المتراكمة لدى النساء مقارنةً بالرجال في العمل النيابي.
أخبار متعلقة
على الجانب الآخر، تبرز عوامل موضوعية تشكل العائق الأكبر أمام تأثير المرأة البرلماني، فلا يزال السياق السياسي والحزبي يغلب عليه طابع ذكوري، حيث تُستخدم الكوتا أحيانًا كاستحقاق دستوري شكلي دون تمكين حقيقي للمرشحات الأكثر كفاءة، ويؤدي التركيز الإعلامي على المظهر الشخصي أو الحياة الخاصة إلى تهميش الأداء التشريعي للنائبات، بينما يفرض التنمر الإلكتروني ضغوطًا إضافية تحدّ من حرية التعبير والمبادرة.
ورغم هذه التحديات، أثبتت تجارب برلمانية سابقة أن المرأة المصرية قادرة على تجاوز العقبات وتحقيق حضور فعّال حين يجتمع الإعداد الجيد بالدعم المؤسسي والثقة بالنفس. فالتمكين الحقيقي يبدأ باختيار المرشحات الأكثر تأهيلاً، مرورًا بتأهيل سياسي وإعلامي مستمر، ووصولًا إلى خطاب مجتمعي يحترم الأداء البرلماني بعيدًا عن الصور النمطية.
يبقى نجاح المرأة في البرلمان القادم مسؤولية مشتركة بين النائبات أنفسهن، والأحزاب السياسية، والإعلام، والمجتمع ككل. وعندما يتحقق هذا التكامل، تنتقل المرأة من مقعد استكمال النسبة إلى موقع صناعة القرار والتأثير في صياغة السياسات العامة.
ولعلنا نجد في فكر نيكولو ميكافيلي ما يلهم المرأة النائبة اليوم، حين كتب أن «الجرأة نصف النجاح»؛ فالحياة السياسية لا تعترف إلا بالمبادرة والشجاعة، لا بمجرد الحضور. وعندما تدرك المرأة تحت القبة أن الجرأة والفكر معًا هما سرّ القوة، تتحول من رقم في المعادلة إلى صانعة للمعادلة نفسها
