رئيس مجلس الإدارة
د. مروة حسين

نائب رئيس مجلس الإدارة
م. ياسين الزيني

رئيس التحرير
ا. محمد صلاح

المدير التنفيذي
د. محمد زكريا

شيماء إبراهيم تكتب: حين تتحد الدولة مع التاريخ.. المتحف المصري الكبير يطلق رسالة مصر الجديدة

يأتي افتتاح المتحف المصري الكبير ليؤكد أن الدولة المصرية تمضي بثبات نحو تعزيز ركائز قوتها الشاملة؛ فالحضارة ليست مجرد ذكرى تُحكى، بل مورد استراتيجي يُبنى عليه مستقبل الأمم. وفي إطار رؤية القيادة السياسية لتعظيم عناصر القوة الناعمة والأمن الثقافي والاقتصادي، تمثل هذه اللحظة واحدة من أهم الأحداث في التاريخ المصري الحديث.

تستعد مصر لإطلاق الحدث الحضاري الأكبر عالميًا في الأول من نوفمبر 2025، بافتتاح المتحف المصري الكبير على خط واحد بصري مع أهرامات الجيزة؛ حيث يلتقي الماضي العريق بالحاضر الطموح.

أخبار متعلقة

هذا المتحف العملاق يضم أكثر من مئة ألف قطعة أثرية من مختلف العصور المصرية القديمة، وفي مقدمتها المجموعة الكاملة للملك توت عنخ آمون التي تُعرض لأول مرة كاملة أمام العالم بتقنيات عرض متحفي حديثة تعزز تجربة الزائر وتجعله يعيش لحظات التاريخ كما لو كانت تنبض أمامه بالحياة.

ورغم التحديات التي واجهت المشروع منذ وضع حجر الأساس عام 2002، والتي شملت تغيّر الحكومات والأوضاع الإقليمية والعالمية، فإن الدولة المصرية أصرت على إتمامه واستكمال تطوير المنطقة المحيطة به من طرق ومحاور ومشروعات نقل ذكية، بما يحوّل هضبة الأهرامات إلى مقصد سياحي عالمي متكامل، يتكامل فيه التاريخ والهوية مع التطوير والصناعة السياحية.

إن اختيار موعد الافتتاح جاء ليعتمد على رؤى مدروسة، بعد تأجيله عن الموعد الأول في يوليو الماضي؛ بما يليق بحجم الحدث ورسالة مصر الحضارية. فهذا الافتتاح ليس مناسبة محلية، بل حدث ينتظره العالم كله؛ لما يمثّله من نقلة استثنائية في إدارة التراث الثقافي وعرضه.

الأبعاد الاقتصادية للمشروع لا تقل أهمية عن رمزيته الثقافية والحضارية، فالسياحة الثقافية كانت وستبقى أحد أهم مصادر القوة الناعمة والدخل القومي للدولة المصرية. وافتتاح هذا الصرح سيعيد جذب ملايين السياح إلى مصر، ويدعم الاستثمارات ويوفر فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، ويفتح آفاقًا أكبر لتسويق الهوية المصرية عالميًا.

إن مصر اليوم لا تقدّم آثارها فقط، بل تقدّم ثقتها للعالم. تقول لكل من يشاهد هذا الإنجاز إن الوطن الذي صنع أول حضارة في التاريخ قادر على حماية تاريخه وصناعته من جديد. فالمتحف المصري الكبير ليس مبنى من حجر وواجهات لامعة، بل رسالة خالدة مفادها أن هذه الأرض التي صنعت التاريخ لا تزال تصنعه، وأن قوتها تنبع من جذورها العميقة التي لا تهتز مهما كانت العواصف.

وغدا في الأول من نوفمبر 2025، لن يُفتتح متحف فحسب، بل ستُفتح بوابة جديدة في مسيرة مصر. سيكون هذا اليوم عيدًا للهوية، وإعلانًا بأن مصر التي علّمت العالم ما الحضارة… ما زالت قادرة على تقديم الدرس ذاته، لكن بلغة المستقبل.

Facebook
X
WhatsApp
Telegram
Email