رئيس مجلس الإدارة
د. مروة حسين

نائب رئيس مجلس الإدارة
م. ياسين الزيني

رئيس التحرير
ا. محمد صلاح

المدير التنفيذي
د. محمد زكريا

شيماء إبراهيم تكتب: انتصار أكتوبر.. مدرسة الردع وبوابة المستقبل

في مثل هذه الأيام من عام 1973، كتبت مصر واحدة من أعظم صفحات تاريخها العسكري والسياسي بانتصار أكتوبر المجيد. لم يكن الأمر مجرد عبور قناة، أو تحطيم خط بارليف، بل كان نقطة تحول أعادت صياغة العقيدة القتالية المصرية وأكدت أن الإرادة الوطنية قادرة على قلب الموازين مهما بلغت التحديات.

لقد جاء العبور ليهدم أسطورة الجيش الذي لا يُقهر، ويبرهن أن الإعداد الجيد والتخطيط العلمي قادران على تحقيق ما ظنه العالم مستحيلاً. كانت إدارة المعركة نموذجًا فريدًا: من الخداع الاستراتيجي الذي سبق الضربة الجوية الأولى، إلى التنسيق المحكم بين أفرع القوات المسلحة كافة، في ملحمة جمعت بين الدهاء العسكري والإيمان الراسخ بعدالة القضية.

أخبار متعلقة

غير أن قيمة أكتوبر لم تتوقف عند حدود المعركة. فقد أرست هذه الملحمة قاعدة راسخة بأن الأمن القومي لا يُحمى إلا بالقوة الشاملة، وأن الردع هو أساس الاستقرار، وأن الإرادة الوطنية حين تتجسد في شعب وجيش معًا قادرة على صنع المعجزات. ومن هنا استمرت روح أكتوبر في تشكيل العقيدة القتالية المصرية الحديثة: فكما حطمت قواتنا المسلحة أسطورة خط بارليف بالأمس، فإنها اليوم تواصل بناء قوة بحرية وجوية وصاروخية قادرة على حماية مصالح الدولة في دوائرها الثلاث؛ العربية، الإفريقية والمتوسطية.

إن ما تحقق في أكتوبر لم يكن نهاية حرب، بل بداية مدرسة جديدة للفكر العسكري. مدرسة تؤكد أن النصر لا يُمنح بل يُنتزع، وأن التكنولوجيا الحديثة — من الطائرات المسيّرة إلى أنظمة الدفاع الجوي المتقدمة — ليست بديلًا عن الإرادة والعقيدة، بل أدوات تتكامل معها لتصنع الردع المطلوب. هذه الدروس تجعل من أكتوبر مرجعًا دائمًا لصياغة استراتيجيات الحاضر، سواء في مواجهة الإرهاب أو في حماية الأمن القومي من أي تهديد خارجي.

وهكذا، يظل انتصار أكتوبر شاهدًا خالدًا على أن مصر — بتاريخها وجيشها وإرادتها — ستبقى صمام الأمان للإقليم، ولاعبًا لا يمكن تجاوزه في معادلات الحاضر والمستقبل.

Facebook
X
WhatsApp
Telegram
Email