لم تكن رحلة “هانم فتحي أحمد محمد جامع”، ابنة قرية كفر الوزير بمركز ميت غمر في محافظة الدقهلية، سهلة على الإطلاق.و منذ 25 عامًا، وجدت نفسها أرملة في الثامنة والعشرين من عمرها، بعد وفاة زوجها، بينما كانت ابنتها “إيمان” تبلغ عامين فقط، وابنها “أحمد” لم يتجاوز 15 يومًا و لكنها قررت مواجهة الحياة بقوة وإصرار، ليُتوج كفاحها أخيرًا بحصولها على لقب الأم المثالية على مستوى محافظة الدقهلية لعام 2025.
كفاح لا يعرف المستحيل
بعد وفاة زوجها، وجدت “هانم” نفسها أمام مسؤولية كبيرة، حيث لم يكن لديها مصدر دخل ثابت.و لكنها لم تستسلم، وبدأت رحلتها في البحث عن عمل، فاستأجرت محل بقالة تملكه حماتها، وعملت فيه ليلاً ونهارًا، من أجل تأمين حياة كريمة لطفليها ولم يكن الأمر سهلًا، لكنها استطاعت من خلال جهدها وإصرارها بناء منزل خاص لها ولأبنائها من ميراث والدها، لتوفر لهم حياة مستقرة.
ورغم كل الصعوبات، لم تتخلَّ عن حلمها في تعليم أبنائها، وأصرت على أن يحصلوا على أعلى الدرجات العلمية. التحقت ابنتها الكبرى بكلية الآداب، وحصلت على الليسانس، ثم دبلومة في الإرشاد وعلم النفس الإكلينيكي، وتعمل حاليًا أخصائية نفسية بإحدى العيادات الخاصة، كما أنها مسجلة في درجة الماجستير في علم النفس.
أما ابنها “أحمد”، فقد تفوق في دراسته حتى حصل على بكالوريوس العلوم المالية والإدارية، ثم عُين معيدًا بقسم العلوم الإدارية بالكلية، وواصل تفوقه ليحصل على درجة الماجستير في إدارة الأعمال، مع توصية لجنة المناقشة بتداول رسالته مع الجامعات الأجنبية وطباعتها على نفقة الجامعة.
تتويج الرحلة بلقب الأم المثالية
اليوم، وبعد أكثر من ربع قرن من التحديات والصعوبات، جاء التكريم المستحق. فقد أعلنت الدكتورة مايا مرسي، وزيرة التضامن الاجتماعي، أسماء الأمهات المثاليات لعام 2025، وكانت “هانم فتحي” واحدة من هؤلاء الأمهات اللواتي قدمن نموذجًا مشرفًا للصبر والتضحية والعطاء.
إن قصة هانم فتحي ليست مجرد قصة أم كافحت من أجل تربية أبنائها، بل هي ملحمة حقيقية تلهم كل امرأة تواجه صعوبات الحياة، وتؤكد أن الإرادة والعزيمة يمكنهما التغلب على أي تحدٍ.