في ظل حرب الشائعات
وتنامي دور اللجان الإلكترونية فى تشكيل الرأى العام للشعوب
والاستخدام السلبي والمتعمد لتقنيات الذكاء الاصطناعي في تزوير الصور والفيديوهات وصناعة الأكاذيب
أصبح الوعي والقدرة على التفرقة بين الخبر الصحيح والخبر الكاذب أمرا لا غنى عنه
ومن هنا جاءت التجربة الفنلندية كنموذج عملي جديد يمكن التعلم منه في مواجهة التضليل وبناء الوعي
فنلندا لم تلجأ إلى الحظر
ولم تكتف بالتشريعات
بل اختارت الطريق الأعمق والأكثر استدامة
التعليم
الفكرة لم تكن في إضافة مادة جديدة
ولا في زيادة المحتوى
بل في إعادة تعريف دور المدرسة والجامعة
فهما ليسا مكانا لتحصيل الدرجات
ولا مصنعين لشهادات متشابهة
بل مساحة لبناء إنسان
قادر على مواكبة التغيرات العالمية المتسارعة
تم تدريب الطلاب منذ سن مبكرة على تحليل ما يشاهدونه ويقرأونه
فلا ينجرفون خلف العناوين المثيرة
ولا يشاركون محتوى لم يتحققوا من مصدره
ولا يصدقون كل ما يصل إليهم عبر الشاشات
والأهم
أن هذا الوعي لم يقتصر على المدرسة والجامعة
بل امتد إلى المجتمع كله
من خلال دعم المعلمين
وتفعيل دور المكتبات
وبرامج توعية للشباب والكبار وكبار السن
وهنا تتضح فلسفة التعليم التي نحتاجها اليوم
لسنا مطالبين بصناعة قوالب متكررة
بل بإتاحة الموارد التي تسمح لشخصية المتعلم أن تنمو
ولموهبته أن تُكتشف
ولفضوله أن يقوده للمعرفة
ولعقله أن يتعلم كيف يسأل قبل أن يصدق
الدور الحقيقي للتعليم
ليس فقط حماية المتعلم من الغش والتضليل والخداع
بل تغذيته بالأدوات العقلية والفكرية
التي تجعله قادرا على كشف الغش بنفسه
وتفكيك التضليل
والتحقق قبل المشاركة
حين نعلم الإنسان كيف يفكر
فإننا نحميه حتى في غياب الرقابة
وحين نغرس فيه مهارات النقد والتحليل
فإنه يصبح شريكا في حماية مجتمعه
لا عبئا عليه
وتبقى الرسالة الأهم
أن التعليم في إطار Education 5.0
لم يعد تعليما يركز على المحتوى فقط
بل تعليما يحرر العقل
ويطلق الموهبة
ويبني إنسانا واعيا
قادرا على الفهم والاختيار والمسؤولية