رئيس مجلس الإدارة
مروة حسين

نائب رئيس مجلس الإدارة
م. ياسين الزيني

رئيس التحرير
ا. محمد صلاح

المدير التنفيذي
د. محمد زكريا

شيماء إبراهيم تكتب: الدولة القوية لا تخشى المحاسبة

في كثير من النقاشات العامة، يُطرح مفهوم المحاسبة وكأنه نقيض للاستقرار، أو مدخل لإضعاف الدولة، بينما الواقع يُثبت أن الدول التي ترسّخ تقاليد المساءلة المؤسسية هي الأكثر قدرة على الصمود، والأكثر احترامًا من مواطنيها. فالمحاسبة ليست فعلًا عدائيًا، بل ممارسة تنظيمية تهدف إلى تصحيح المسار قبل أن يتحول الخطأ إلى أزمة.

 

أخبار متعلقة

الدولة، في بنيتها العميقة، كيان ثابت يستند إلى الدستور والقانون والمؤسسات، بينما الإدارة بطبيعتها متغيرة، تخضع للتقييم والمراجعة وفقًا لأدائها ونتائجها. الخلط بين الدولة والإدارة يؤدي غالبًا إلى تعطيل أي نقاش جاد حول المسؤولية، ويحوّل النقد المهني إلى اتهام سياسي، وهو خلط يضر بالدولة أكثر مما يحميها.

 

في المنظومات العامة الكبرى، لا تكون المسؤولية مرتبطة فقط بمن اتخذ القرار التنفيذي المباشر، بل تمتد إلى من صمم السياسات، ووضع القواعد، وأشرف على تنفيذها، وامتلك أدوات المتابعة والتصحيح. لذلك، فإن تكرار الخلل داخل منظومة واحدة لا يمكن تفسيره بمنطق الأخطاء الفردية أو السلوكيات المنفصلة، بل يشير إلى قصور هيكلي في الإدارة أو الرقابة أو كليهما.

 

وعندما يتحول الخطأ إلى نمط متكرر، يصبح تجاهله خطرًا مؤسسيًا. فالإدارة التي لا تُراجع سياساتها عند ظهور مؤشرات الفشل، لا تُدير المخاطر، بل تراكمها. وهنا تحديدًا تظهر أهمية القيادة التنفيذية، ليس بوصفها سلطة عقابية، بل كجهة مسؤولة عن منع تكرار الخطأ، وضمان فاعلية أدوات الرقابة والمساءلة.

 

وتُظهر التجارب الإدارية المقارنة أن المحاسبة المبكرة تمثل إحدى أدوات الوقاية المؤسسية. فالدول التي تنتظر تفاقم الأزمات قبل التحرك، غالبًا ما تدفع ثمنًا سياسيًا واجتماعيًا أعلى.

 

كما أن تحميل المسؤولية للأطراف الأدنى وحدها، دون مراجعة مستوى القيادة، يُفرغ فكرة المحاسبة من مضمونها.

 

إن أخطر ما تواجهه المنظومات العامة ليس الخطأ في حد ذاته، بل الاعتياد عليه.

 

فالدولة التي تحاسب… دولة تحمي نفسها قبل أن تحمي مواطنيها، وهو ما تمضي فيه الدولة المصرية اليوم، بمتابعة مباشرة من الرئيس عبد الفتاح السيسي، وإصرار جاد على الإصلاح وتصحيح المسار، بأسلوب قوي ورصين يحفظ هيبة الدولة ويعزز ثقة المجتمع.

Facebook
X
WhatsApp
Telegram
Email