خلال الأيام الماضية أقدمت الحكومة الإسرائيلية على خطوة جديدة بإعلان نيتها فتح معبر رفح في اتجاه واحد فقط باتجاه خروج الفلسطينيين من غزة نحو الأراضي المصرية.. خطوة ليست عفوية ولا إنسانية، بل تُقرأ ضمن سياق إستراتيجية أشمل: إفراغ القطاع من سكانه وخلق واقع “غزة بلا شعب”.
إسرائيل أعلنت بشكل منفرد عن فتح المعبر، متجاوزة ضرورة التنسيق مع مصر.
وبصياغة ظاهرها إنساني: السماح للمدنيين بالخروج من أتون الحرب، بينما الحقيقة هي فرض التهجير تحت ضغط النار والجوع، مع بقاء كافة المعابر تحت السيطرة الإسرائيلية، ما يعني خروج بلا عودة.
في ذروة الأزمة الإنسانية بغزة، ومع ازدياد الضربات العسكرية والضغط على المدنيين لكسر صمودهم.
وعلى حدود غزة الجنوبية حيث يقف معبر رفح بوصفه شريانًا وحيدا للحياة، وسلاحا خطيرا إذا استُخدم في الاتجاه الخطأ.
ولكن مصر، الإدراك الإستراتيجي حاضر لديها قبل أي طرف آخر خرجت سريعا وبصوت واضح:
رفح معبر ثنائي الاتجاه “دخول وخروج “وأي فتح أحادي مرفوض.
لم يكن البيان المصري مجرد رد فعل، بل قرار سيادي وأمني وقانوني يثبت أن القاهرة لن تسمح بتحويل حدودها إلى ممر ترحيل لشعب كامل. فالموافقة على فتح المعبر باتجاه واحد فقط ستكون بحكم الواقع مشاركة غير مباشرة في تصفية الوجود الفلسطيني، وهو ما يتعارض مع الثوابت الوطنية والدعم التاريخي للقضية.
ايضا الموقف المصري لم يقف وحده، بل تبعه ما يقرب من 30 دولة عربية وإسلامية من بينها السعودية، الإمارات، الأردن، قطر وتركيا معلنة أن أي استخدام للمعبر لفرض النزوح الجماعي هو خط أحمر لا يمكن تجاوزه.
فرؤية مصر واضحة: “معبر رفح يُستخدم لإدخال المساعدات والأدوية” ،”خروج المصابين للعلاج” ،”عودة الفلسطينيين لأرضهم حق لا مساومة عليه”
أما أن يتحول المعبر إلى بوابة خروج نهائية دون ضمان العودة، فهذا تهجير قسري يجرمُه القانون الدولي، ويهدد الأمن القومي والإقليمي على حد سواء.
إسرائيل، بمحاولة فرض واقع جديد على الحدود دون تنسيق كامل مع مصر، تخرق التفاهمات والاتفاقيات، وتختبر قدرة القاهرة على حماية المصالح العليا للدولة المصرية ولحقوق الشعب الفلسطيني والرد المصري جاء بمستوى الحدث:”التهجير لن يمر ورفح لن تكون بوابة لتصفية شعب بأكمله”.
اليوم، ما تحتاجه غزة ليس “معابر خروج”… بل معابر حياة:
مساعدات، دواء، دعم سياسي، وضمان للكرامة والوجود داخل الأرض.
وهنا تتقدم مصر بدورها التاريخي:
حماية حق البقاء… قبل حماية الحدود.
رفح ليس ممرا للتهجير، بل شريان إنساني مصري الإرادة وسيظل كذلك.